شرح سلسلة الأحاديث من كتاب
(أحسن البيان في شرح كتاب الإيمان من اللؤلؤ والمرجان )
الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إِله إِلا الله محمد رسول الله
1- حديث أَبي بَكْر وَعُمَر قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (لَمّا
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رضي
الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَب، فَقالَ عُمَرُ رضي الله
عنه: كَيْفَ تُقاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولوا لا إِلهَ إِلاَّ
اللهُ، فَمَنْ قالَها فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ
بِحَقِّهِ، وَحِسابُهُ عَلى اللهِ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ
لأُقاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ
الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُوني عَناقًا كَانوا
يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى
مَنْعِها
قالَ عُمَر رضي الله عنه: فَواللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ
صَدْرَ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ) متفق عليه.
2- حديث أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ
أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولُوا لا إِلهَ إِلاّ اللهُ، فَمَنْ
قَالَ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنّي نَفْسَهُ وَمالَهُ إِلاَّ
بِحَقِّهِ، وَحِسابُهُ عَلى اللهِ) متفق عليه.
3- حديث ابْنُ عُمَر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أُمِرْتُ
أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ
وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا
الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنّي دِمَاءَهُمْ
وَأَمْوالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّ الإسْلامِ، وَحِسابُهُمْ عَلى اللهِ) متفق عليه.
الشرح:
*
في هذه الأحاديث أن القتال مشروع في الإسلام لإعلاء كلمة الله ونشر الدين
وإزالة العوائق التي تمنع الناس من دخولهم في دين الإسلام وقد انتشر
الإسلام في كثير من البلاد بالسيف كما أنه انتشر أيضا بالكلمة والبيان.
* وفيها
أن الغاية من قتال الكفار دخولهم في الإسلام أو أخذ الجزية منهم فالكفار
يخيرون بين خصال ثلاث كما دلت السنة على ذلك إما أن يسلموا وإما أن يعطوا
الجزية وإما أن يقاتلوا فإذا أسلموا أو أعطوا الجزية كف عن قتالهم وإلا
قوتلوا وقتال الكفار منوط بالإمام الشرعي وقدرته ونظره في المصالح
والمفاسد.
*وفيها
ثبوت العصمة لمن نطق بالشهادتين ودخل في دين الإسلام في دمه وماله فيحرم
التعرض له إذا أسلم مهما كان الباعث على إسلامه أو احتفت به قرائن ودلت
السنة أيضا على عصمة الذمي والمعاهد في دمه وماله فلا يحل انتهاك حرمته.
* وفيها
أنه لا يباح دم المسلم إلا بحق الإسلام فيما دل الشرع على إباحة دمه
والإقتصاص منه وقد دل على إباحة دم القاتل والثيب الزاني والمرتد عن دينه
المفارق للجماعة ويلحق بذلك ما كان في معناه.
* وفيها
أن الحكم والتعامل مع المسلم بحسب الظاهر أما السرائر فهي إلى الله لا
يطلع عليها أحد إلا الله فمن أظهر لنا خيرا أحسنا به الظن وعاملناه به
ووكلنا سريرته إلى الله ومن أظهر لنا شرا أسأنا به الظن وعاملناه به. وقد
كان الوحي يطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحوال الناس صدقهم
وكذبهم ثم انقطع الوحي بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلم يبق لنا
إلا العمل بالظاهر ولا يسعنا إلا ذلك. فلا يجوز لأحد أن يطعن في نيات الناس وأن يفتش عن دواخلهم.
*وفيها
أنه إذا امتنع أهل بلد عن القيام بشعيرة من شعائر الدين الظاهرة وتواطأوا
على ذلك قاتلهم الإمام حتى يمتثلوا هذه الشعيرة أو تستأصل شوكتهم ولو أدى
ذلك إلى قتالهم.
*وفيها
أن العالم قد يشتبه عليه بعض المسائل الواضحة في الدين ويخفى عليه الحق في
ذلك ولو كمل إيمانه وكثر علمه لكن إذا روجع في ذلك وظهر له الحق يجب عليه
اتباعه والعمل به ورجوعه يدل على صدقه مع الله وفضيلته وإيثاره الحق على
نفسه والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وهذا التصرف كثير في سلوك
السلف الصادقين.