بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ ، أَمّا بَعْدُ :
إِنَّ النَّاظِرَ
بِعَيْنِ البَصيرَةِ في حالِ أُمَّةِ الإِسْلامِ اليَوْمَ لَيَعْلَمُ
عِلْمَ يَقينٍ أَنَّ أَعْظَمَ أَسْبابِ ما هُمْ فيهِ مِنْ بَلاءٍ وَغَلاءٍ
وَوَباءٍ وَنَكَباتٍ وَحُروبٍ وَاخْتِلافٍ وَشِقاقٍ: [size=25]الذُّنوبُ وَالمَعاصِي .
وَالذُّنوبُ وَالمَعاصِي أَعْظَمُ أَسْبابِ زَوالِ النِّعَمِ وَحُلولِ النِّقَمِ .
قالَ اللهُ سبحانه :(وضَربَ
اللهُ مثَلا قريةً كانَت آمِنَةً مُطمئِنةً يَأْتِيها رِزقُها مِن كلِّ
مكانٍ فكَفَرت بأَنْعُمِ اللهِ فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ
بِما كانوا يَصنَعون )[النحل:112]
كَمْ مِنْ أُمَّةٍ
كانَتْ في سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ ، وَرَغَدٍ في العَيْشِ ، وَسَلامَةٍ في
الأَبْدانِ وَأَمْنٍ في الأَوْطانِ ، فَعَصَتْ خالِقَها سبحانه ،
وَسَخَّرَتْ نِعَمَهُ في مَعاصِيهِ ، فَحَلَّ عَليها العِقابُ وَنَزَلَ
بِها العَذابُ ، فَتَبَدَّلَتْ عَليها الأَحْوالُ ، وَصارَتْ مَضْرَبًا
لِلأَمْثالِ .
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه : (وكأيِّن
مِن قريةٍ عَتَت عن أمْرِ رَبِّها ورُسُلِه فحاسَبْناها حِسابًا شَديدا
وَعذَّبْناها عَذابًا نُكْرا ، فذاقَت وبال أمرِها وكان عاقبةُ أمْرِها
خُسْرا ، أعدَّ اللهُ لهم عذابا شديدا قاتَّقوا اللهَ يا أُولي الألبابِ
الذينَ آمنوا ) [الطلاق:8-10]
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذا ظَهَرَ السُّوءُ في الأَرْضِ أَنْزَلَ اللهُ بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ .([1])
وَانظُرْ رَحِمَكَ اللهُ
إِلى مَعْصِيَةٍ واحِدَةٍ في خَيْرِ الأَزْمانِ وَالقُرونِ وَمعَ خَيْرِ
النَّاسِصَدَرَتْ مِنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ – مِنَ الرُّماةِ - يَوْمَ
غَزْوَةِ أُحُدٍ،كانَتْ سَبَبًا في مَفاسِدَ كَثيرَةٍ وَقَعَتْ في غَزْوَةِ
أُحُدٍ ، مِنَ التَّفَرُّقِ وَالاخْتِلافِ وَالهُروبِ وَالقَتْلِ
وَالهَزيمَةِ ، بَعْدَ الاجْتِماعِ وَالائْتِلافِ وَالثَّباتِ وَالعِزِّ
وَالنَّصْرِ .
قالَ سبحانه :(حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمرِ وعَصيْتُم مِن بعد ما أراكم ما تُحِبون ) [آل عمران :152]
قالَ العَلاّمَةُ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ – في تَفْسيرِ هذِهِ الآيَةِ : فَلَمّا حَصَل مِنْكُمُ الفَشَلُ وَهُوَ الضَّعْفُ وَالخَوَرُ (وتنازعتم في الأمرِ) الذي فيهِ تَرْكُ أَمْرِ اللهِ ، بِالائْتِلافِ وَعَدَمِ الاخْتِلافِ ، فَاخْتَلَفْتُم ، فَمِنْ قائِلٍ : نُقِيمُ في مَرْكَزِنا الذي جَعَلَنا فيهِ النَّبِيُّ r
، وَمِنْ قائِلٍ : ما مَقامَنا فيهِ ، وَقَدِ انْهَزَمَ العَدُوُّ ،
وَلَمْ يَبْقَ مَحْذورٌ ؛ فَعَصَيْتُمُ الرَّسولَ ، وَتَرَكْتُمْ أَمْرَهُ (مِن بعد ما أراكم ما تُحِبون ) وَهُوَ انْخِذالُ أَعْدائِكُم ؛ لأَنَّ الواجِبَ عَلى مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِ بِما أَحَبَّ ، أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ ، فَالواجِبُ في هذِهِ الحالِ خُصوصًا وَفي غَيْرِها عُمومًا ، امْتِثالُ أَمْرِ اللهِ وَرَسولِهِ . ([2])
وَلَمّا أَذْنَبَتْ بَنُو إِسْرائيلَ وَجاهَرَتْ بِالمَعاصِي ، سَلَّطَ اللهُ عَليهِمُ الرُّومَ فَسَبَوْا نِساءَهُمْ وَسَلَبُوا أَمْوالَهُم وَسَفَكُوا دِماءَهُمْ .
وَمَرَّ الأَعْمَشُ
عَلى صُنّاعِ قُدورٍ فَقالَ : هؤُلاءِ أَوْلادُ الأَنْبِياءِ ، يَوْمَ
كانُوا عَلى الطّاعَةِ كانُوا أَعِزَّةً،فَانْظُروا إِلى ما صَيَّرَتْهُمُ
المَعاصِي وَالذُّنوبُ.(وأنَّ اللهَ ليسَ بظَلاّمٍ للعبيدِ )
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : إنّ العبدَ لَيُحرمُ الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه . ([3])
قال اللهُ سبحانه :(فلما آسَفونا انتَقمْنا منهُم فأغرقناهُم أجمعين ، فجعلناهُم سلَفا ومَثلا للآخِرينَ ) [الزخرف:55-56] أي أغضبونا بفعل المعاصي جهارا نهارا انتقَمنا منهم .
فما فيه الأُمة اليوم مِن ظُلم وذُل وقَهرٍ مِن قِبَل أعدائها ما هو إلاّ بسبَب ذُنوبِها ومعاصيها ، وصدقَ اللهُ العظيمُ : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتْ أيديكُم ويَعفو عن كثير ) [الشورى:30] وأيّ عُقوبة أعظم مِن عُقوبة الذُل والهَوان التي ضُرِبت بها هذه الأمةُ يوم عصَتِ اللهَ جل في عُلاه ؟!
ففي كُلِّ يوم تُهتَك
أعراضُ المسلمين هُنا وهناك ، وتُسلَبُ أموالُهم ، وتُسفَك دِماؤُهم،
وتُدكُّ مساكِنُهم ، ويُعبَث بمُقدساتِهم ، والأُمةُ إلاّ مارحم رَبي مشغولةٌ بكأسِ عالَمِها أو برَقصِها وغِنائِها ومُسلسَلاتِها !!
وإنْ ناشَدوا واستغاثوا فبِأَعدائِهِم ، بهيئَة الأُمَم أو بما يُسمّى بمجلس الظُلم الدولي !! فأينَ مُناشدةُ اللهِ ؟ وأين الاستغاثةُ به ؟ وأين الانطِراحُ بين يديهِ بالتضرُّعِ والبُكاء ؟ وأين صِدقُ اللّجأِ إليهِ بالتوبة والإنابةِ والدُعاءِ ؟؟!
إذا كان المُشركون قديما يَستغيثون بالله عند الشدائدِ ويَنسونَه في الرخاءِ ، كما قال I : (فإذا ركِبوا في الفُلكِ دَعَوا اللهَ مُخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يُشركون ) [العنكبوت:65] ، وأما أُمَّة الإسلام اليوم فلا حول ولا قُوة إلا بالله ، سواء كانوا في شدة أو رخاءٍ يَتَوجهون إلى أعدائِهم بالمُناشدة والبكاء ، فسامَهُم أعداؤُهُم أليمَ الذُّل والهوان والعذاب .
وأيّ عُقوبَة أعظمُ من هذه العُقوبة التي ضُرِبت بها هذه الأُمة في هذا الزمان ،
والسببُ: مَعصِيتُهم لِربِّهم جل في عُلاه .
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : يا معشرَ قريشٍ ، إنكم أهلُ هذا الأمر – النصرُ والتمكين – ما لم تُحدِثوا ، فإذا غَيَّرتُم بعَثَ اللهُ إليكُم من يَلحاكُم كما يُلحَى هذا القضيبُ . ([4])
وفي رواية : إلا سلَّط عليكُم شِرار الخلقِ فقطعوكم كما يُقطع هذا القضيبُ .
وفي رواية : إلا أُذِلوا .
أصابنا اللهُ سبحانه بكل ما تَعنيه الكلمةُ من الضعف والذل والهوان والخوف والخُذلان وصدق اللهُ سبحانه : (وإن يخذُلكُم فمَن ذا الذي يَنصرْكُم مِن بعدِه )[آل عمران:160]
عند مَصائبِهم يُناشدون الأعداءَ ، وتركوا اللهَ العلِيَّ العزيز الجبارَ ، فوكَلَهم إلى عدوِّهم فساموهُم سوءَ العذاب والذل والهوان .
عوقِبَت هذه الأُمّةُ بالخوف من أعدائِها أعظم مِن خوفها من رَبها سبحانه ، والسببُ : الذنوبُ والمعاصي .
كلُّ المعاصي التي عَمِلتها الأُمم من قبلنا عمِلتها اليوم أُمةُ الإسلام إلا ما رحم اللهُ .
قال صلى الله عليه وسلم : وجُعِل الذلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري . ([5])
قالوا : لا تَحِلُّ المَعصيةُ بيتَ قوم إلا أدخَلَ اللهُ إليه الذُلَّ .
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يوشِك أن تتداعى عليكُم الأُممُ كما تتداعى الأكلةُ إلى قَصعتِها... أمِن قِلّةٍ نحنُ يا رسولَ الله ؟ ...إلخ . ([6])
وجَدوا أقصى درجات الذل والخوف والهوان ، والسبب : المعاصي والذنوبُ .
ولنا عِبرةٌ فيما جرى في الأُمم قبلنا من الذل والخوف والعذابِ ، يوم خالطوا المعاصي والآثام ، فعمَّهُم اللهُ بالعقابِ والعذابِ .
قالت زينبُ بنتُ جَحشٍ: فقلتُ يا رسولَ الله أَنهلِك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم ، إِذا كَثُرَ الخَبَثُ . ([7])
وعلى سبيل المثال :
ما
فعلَه هولاكو التَّتَري بأهل بغداد ، فقد ذكرَ ابنُ كثير في البداية
والنهاية شيئا من ذلك ، وأنا أنقُلُه لك مُختصَرا وبتصرفٍ يسير للعبرة
والعظة :
يوم دخل التتارُ بغداد
صادروا الأموالَ ، وهتكوا الأعراضَ ، وسفكوا الدماءَ وأسَروا ألفَ بِكْرٍ
من دار الخلافةِ ، للعبثِ بهِنّ وإذلالِهِنّ .
قتلوا خلقًا كثيرا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ، وقتلوا القضاةَ والعلماءَ .
اختبَأَ الناسُ في
الخاناتِ والمساجدِ ، فدخل عليهِمُ التَّترُ فذبحوهُم كالشياةِ حتى سالتِ
الدماءُ من الميازيبِ ، وأحرقوا المساجدَ ، وعمَّتِ العقوبةُ .
عادت بغدادُ بعد الأُنسِ والأمن والأمانِ ورغدِ العَيش والاجتماعِ والحياةِ إلى حُزنٍ وخوف وجوع ومرضٍ وموت ، عمَّتِ العُقوبةُ .
تعطَّلتِ
الجُمَعُ والجَماعاتُ في بغدادَ شُهورا ، لم يُسمع فيها أذانٌ ولا إقامةٌ
ولا صلاةٌ، وامتلأتِ الجُثث في الطُرُقات ، فخرج من كانوا في المزابلِ
والحُشوشِ مُختَبئين بعد خُروج التترِ ، وإذا بريحِ جُثث الموتى تُصيبُهم
فماتوا عن آخِرِهم .
في أقل من أربعين يوما قُتِل من أهل بغداد أكثر من مَليوني إنسان .
فاجتمعَ على الناس الغلاءُ والوباءُ والمرضُ والخوف والموت والبكاءُ ، عمت العُقوبةُ ، والسببُ الرئيسي : الذنوبُ والمعاصي .
وفي زمَنِنا هذا كَثُرت
بما يُسمى بالكوارث الطبيعيةِ كالزلازل والفياضاناتِ والسيولِ المُهلِكةِ ،
وما ننتَهي من بَلِية إلا وتَبِعتْها بلايا أُخرى أشد من سابِقتِها وهذا
مِصداقُ ما أخبر عنه المُصطفى صلى الله عليه وسلم يوم قال : بين يدي الساعةِ مُوتانٌ شديدٌ ، وبعدَه سنواتُ الزلازلِ . ([8])
والسؤال : ما أسبابُ كثرة ما يُسمَّى بالكوارث الطبيعية ، إضافة إلى بَلايا الغَلاءِ والوباء والحروب والخوفِ وكثرة الفتنِ ؟
السببُ الأعظم في ذلك كُله : الذنوبُ والمعاصي ، وصدق اللهُ I وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتْ أيديكُم ويَعفو عن كثير ) [الشورى:30]
والبلاءُ إذا نزل فإنه لا يَنزل غالِبا إلا في ظُلمات الليل والناسُ غافِلون آمِنون ، ودليلُ هذا ما ذَكر اللهُ سبحانه : (أفأَمِنَ
أهلُ القُرى أن يأتِيَهُم بأْسُنا بَياتاً وهُم نائِمون ، أَوَ أَمِنَ
أَهلُ القُرى أنْ يَأْتِيَهُم بَأْسُنا ضَحَى وهُم يَلعبون ، أَفَأَمِنُوا
مَكرَ اللهِ فلا يَأْمَنُ مَرَ اللهِ إِلا القومُ الخاسِرونَ ) [الأعراف:97-99]
والبلاءُ لا يَنزلُ
غالبا إلا والناسُ في غَمرة الأمن والسعادة والسرورِ ، فيُبدّلُ السعادةَ
حُزنا ، والأمنَ خوفا ، والرغدَ جوعا وعطشا ، قال اللهُ سبحانه : (
فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا بهِ فَتَحنا عَلَيهِمْ أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ
حتَّى إِذا فَرِحوا بِما أُوتُوا أخَذْناهُم بَغْتَةً فَإِذا هُم
مُبْلِسونَ ) [الأنعام: 44]
قال المُفسرالشيخ ناصر السعدي : يُؤخَذوا على غِرّة وغَفلة وطُمأنينة ، ليكون أشدّ لِعُقوبتِهم ، وأعظمَ لِمُصيبَتِهم . ([9])
ولنا عبرةٌ : أُصِبنا ببلايا ونكباتٍ ، لو كانت القلوبُ تَعقلُ لكَفَتْنا بَلِيّةٌ واحِدة فكيف وهي مُجتَمِعةٌ !
في الأثَر : إذا رأيتَ العبدَ يُعطَى على مَعاصيه فإنما هو استِدراجٌ قد مُكِر به .
وفي أثَر آخرَ : إذا أرادَ اللهُ بقومٍ عذابا فتحَ عليهم الدنيا . ( فُتِح لقارون الدنيا ولكن أُخِذ في كامِل زينتِه وأمنِه وسُرورِه وغِناهُ ) .
والعذابُ إذا حَلَّ
فإنه لرُبما يكونُ في يوم عيدٍ وفرَحٍ والناسُ آمِنون مُطمئِنّون فَرِحون !
بركانُ جزيرة الطّيْر في الحُدَيْدَة كان في العشر الأواخرِ من رمضان ، أي
قبل العيد بأيام يسيرة ، انفجر البركانُ من جَبل في وسط البحر ، فاختلط
نار البركان بماء البحر، ووالله ما استطاعت أقوى
القُوى من القُرب من النار فضلا عن إطفائِها ، وهذا في نار دُنيا فكيف بنار
الآخِرة والتي فَضِّلت عن نار الدنيا بتسعةٍ وسِتين جُزءا !.
انهِيارُ صخرِ بَني مطر
في صنعاء كان في العشر الأوائِل من ذي الحِجة ، أيْ قبل العيد بأيام يسيرة
، انهار جُزءٌ من صخرِ جَبل على بيوتِ الناسِ ، فمات من مات مدفونا تحت
الأنقاضِ ، وبَقِيَ من بَقِي بلا بيت ولا مأوى ولا طعام أو كِساءٍ ، فقدوا
الأولادَ والأحبابَ في طرفةِ عين ، ولقد أتَوْا إليَّ في العِيادة بامرأةٍ
فقدَتِ النُّطْقَ بسببِ أنها رأتِ الانهِيارَ أثناءَ وُقوعِه والصُّخورُ
تسقُط على بيتِها وفيه أطفالُها وماتوا جميعا أمام عينِها .
سيلُ مدينة جِدَّةَ كان
يوم عرفةَ أي قبل العيد بيوم ، ارتفعَ السيلُ لعشراتِ الأمتارِ ودهَم
البيوتَ وجرفَ كلَّ شيءٍ كان أمامَه ، فصاروا مَفقودين بعد أن كانوا
موجودين وباكين بعد أن كانوا ضاحِكين ، ماتوا على فُرُشِهم ليلةَ عيدِهم
قبل لُبْسِ جَديدِهم ، وفي صباحِ العيد يَبحثون بين الأنقاضِ عن الآباءِ
والأُمهات والأطفال والأحبابِ في المياهِ بين الرُّكام والدَّمار !
أمَّلوا الفرحَ والسُّرور والبقاءَ ، ولكن قُدِّر عليهِم الدَّمارُ والفناء مع البُكاء .
في طرفة عَين إذا هم يَبكون ، إذا هم مَحرومون ، لا بيت ولا طعام ولا كساء ، وخسارات بالمِليارات . والسعيدُ من اعتَبَر بغيرِه .
كان من دُعائِه صلى الله عليه وسلم : اللهُم إني أعوذُ بك من زوال نعمتِك ، وفُجاءَةِ نِقْمَتِك ، وجميعِ سَخطِك . ([10])
الحَمْدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ ، أَمّا بَعْدُ :
إِنَّ النَّاظِرَ
بِعَيْنِ البَصيرَةِ في حالِ أُمَّةِ الإِسْلامِ اليَوْمَ لَيَعْلَمُ
عِلْمَ يَقينٍ أَنَّ أَعْظَمَ أَسْبابِ ما هُمْ فيهِ مِنْ بَلاءٍ وَغَلاءٍ
وَوَباءٍ وَنَكَباتٍ وَحُروبٍ وَاخْتِلافٍ وَشِقاقٍ: [size=25]الذُّنوبُ وَالمَعاصِي .
وَالذُّنوبُ وَالمَعاصِي أَعْظَمُ أَسْبابِ زَوالِ النِّعَمِ وَحُلولِ النِّقَمِ .
قالَ اللهُ سبحانه :(وضَربَ
اللهُ مثَلا قريةً كانَت آمِنَةً مُطمئِنةً يَأْتِيها رِزقُها مِن كلِّ
مكانٍ فكَفَرت بأَنْعُمِ اللهِ فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ
بِما كانوا يَصنَعون )[النحل:112]
كَمْ مِنْ أُمَّةٍ
كانَتْ في سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ ، وَرَغَدٍ في العَيْشِ ، وَسَلامَةٍ في
الأَبْدانِ وَأَمْنٍ في الأَوْطانِ ، فَعَصَتْ خالِقَها سبحانه ،
وَسَخَّرَتْ نِعَمَهُ في مَعاصِيهِ ، فَحَلَّ عَليها العِقابُ وَنَزَلَ
بِها العَذابُ ، فَتَبَدَّلَتْ عَليها الأَحْوالُ ، وَصارَتْ مَضْرَبًا
لِلأَمْثالِ .
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه : (وكأيِّن
مِن قريةٍ عَتَت عن أمْرِ رَبِّها ورُسُلِه فحاسَبْناها حِسابًا شَديدا
وَعذَّبْناها عَذابًا نُكْرا ، فذاقَت وبال أمرِها وكان عاقبةُ أمْرِها
خُسْرا ، أعدَّ اللهُ لهم عذابا شديدا قاتَّقوا اللهَ يا أُولي الألبابِ
الذينَ آمنوا ) [الطلاق:8-10]
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذا ظَهَرَ السُّوءُ في الأَرْضِ أَنْزَلَ اللهُ بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ .([1])
وَانظُرْ رَحِمَكَ اللهُ
إِلى مَعْصِيَةٍ واحِدَةٍ في خَيْرِ الأَزْمانِ وَالقُرونِ وَمعَ خَيْرِ
النَّاسِصَدَرَتْ مِنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ – مِنَ الرُّماةِ - يَوْمَ
غَزْوَةِ أُحُدٍ،كانَتْ سَبَبًا في مَفاسِدَ كَثيرَةٍ وَقَعَتْ في غَزْوَةِ
أُحُدٍ ، مِنَ التَّفَرُّقِ وَالاخْتِلافِ وَالهُروبِ وَالقَتْلِ
وَالهَزيمَةِ ، بَعْدَ الاجْتِماعِ وَالائْتِلافِ وَالثَّباتِ وَالعِزِّ
وَالنَّصْرِ .
قالَ سبحانه :(حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمرِ وعَصيْتُم مِن بعد ما أراكم ما تُحِبون ) [آل عمران :152]
قالَ العَلاّمَةُ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ – في تَفْسيرِ هذِهِ الآيَةِ : فَلَمّا حَصَل مِنْكُمُ الفَشَلُ وَهُوَ الضَّعْفُ وَالخَوَرُ (وتنازعتم في الأمرِ) الذي فيهِ تَرْكُ أَمْرِ اللهِ ، بِالائْتِلافِ وَعَدَمِ الاخْتِلافِ ، فَاخْتَلَفْتُم ، فَمِنْ قائِلٍ : نُقِيمُ في مَرْكَزِنا الذي جَعَلَنا فيهِ النَّبِيُّ r
، وَمِنْ قائِلٍ : ما مَقامَنا فيهِ ، وَقَدِ انْهَزَمَ العَدُوُّ ،
وَلَمْ يَبْقَ مَحْذورٌ ؛ فَعَصَيْتُمُ الرَّسولَ ، وَتَرَكْتُمْ أَمْرَهُ (مِن بعد ما أراكم ما تُحِبون ) وَهُوَ انْخِذالُ أَعْدائِكُم ؛ لأَنَّ الواجِبَ عَلى مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِ بِما أَحَبَّ ، أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ ، فَالواجِبُ في هذِهِ الحالِ خُصوصًا وَفي غَيْرِها عُمومًا ، امْتِثالُ أَمْرِ اللهِ وَرَسولِهِ . ([2])
وَلَمّا أَذْنَبَتْ بَنُو إِسْرائيلَ وَجاهَرَتْ بِالمَعاصِي ، سَلَّطَ اللهُ عَليهِمُ الرُّومَ فَسَبَوْا نِساءَهُمْ وَسَلَبُوا أَمْوالَهُم وَسَفَكُوا دِماءَهُمْ .
وَمَرَّ الأَعْمَشُ
عَلى صُنّاعِ قُدورٍ فَقالَ : هؤُلاءِ أَوْلادُ الأَنْبِياءِ ، يَوْمَ
كانُوا عَلى الطّاعَةِ كانُوا أَعِزَّةً،فَانْظُروا إِلى ما صَيَّرَتْهُمُ
المَعاصِي وَالذُّنوبُ.(وأنَّ اللهَ ليسَ بظَلاّمٍ للعبيدِ )
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : إنّ العبدَ لَيُحرمُ الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه . ([3])
قال اللهُ سبحانه :(فلما آسَفونا انتَقمْنا منهُم فأغرقناهُم أجمعين ، فجعلناهُم سلَفا ومَثلا للآخِرينَ ) [الزخرف:55-56] أي أغضبونا بفعل المعاصي جهارا نهارا انتقَمنا منهم .
فما فيه الأُمة اليوم مِن ظُلم وذُل وقَهرٍ مِن قِبَل أعدائها ما هو إلاّ بسبَب ذُنوبِها ومعاصيها ، وصدقَ اللهُ العظيمُ : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتْ أيديكُم ويَعفو عن كثير ) [الشورى:30] وأيّ عُقوبة أعظم مِن عُقوبة الذُل والهَوان التي ضُرِبت بها هذه الأمةُ يوم عصَتِ اللهَ جل في عُلاه ؟!
ففي كُلِّ يوم تُهتَك
أعراضُ المسلمين هُنا وهناك ، وتُسلَبُ أموالُهم ، وتُسفَك دِماؤُهم،
وتُدكُّ مساكِنُهم ، ويُعبَث بمُقدساتِهم ، والأُمةُ إلاّ مارحم رَبي مشغولةٌ بكأسِ عالَمِها أو برَقصِها وغِنائِها ومُسلسَلاتِها !!
وإنْ ناشَدوا واستغاثوا فبِأَعدائِهِم ، بهيئَة الأُمَم أو بما يُسمّى بمجلس الظُلم الدولي !! فأينَ مُناشدةُ اللهِ ؟ وأين الاستغاثةُ به ؟ وأين الانطِراحُ بين يديهِ بالتضرُّعِ والبُكاء ؟ وأين صِدقُ اللّجأِ إليهِ بالتوبة والإنابةِ والدُعاءِ ؟؟!
إذا كان المُشركون قديما يَستغيثون بالله عند الشدائدِ ويَنسونَه في الرخاءِ ، كما قال I : (فإذا ركِبوا في الفُلكِ دَعَوا اللهَ مُخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يُشركون ) [العنكبوت:65] ، وأما أُمَّة الإسلام اليوم فلا حول ولا قُوة إلا بالله ، سواء كانوا في شدة أو رخاءٍ يَتَوجهون إلى أعدائِهم بالمُناشدة والبكاء ، فسامَهُم أعداؤُهُم أليمَ الذُّل والهوان والعذاب .
وأيّ عُقوبَة أعظمُ من هذه العُقوبة التي ضُرِبت بها هذه الأُمة في هذا الزمان ،
والسببُ: مَعصِيتُهم لِربِّهم جل في عُلاه .
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : يا معشرَ قريشٍ ، إنكم أهلُ هذا الأمر – النصرُ والتمكين – ما لم تُحدِثوا ، فإذا غَيَّرتُم بعَثَ اللهُ إليكُم من يَلحاكُم كما يُلحَى هذا القضيبُ . ([4])
وفي رواية : إلا سلَّط عليكُم شِرار الخلقِ فقطعوكم كما يُقطع هذا القضيبُ .
وفي رواية : إلا أُذِلوا .
أصابنا اللهُ سبحانه بكل ما تَعنيه الكلمةُ من الضعف والذل والهوان والخوف والخُذلان وصدق اللهُ سبحانه : (وإن يخذُلكُم فمَن ذا الذي يَنصرْكُم مِن بعدِه )[آل عمران:160]
عند مَصائبِهم يُناشدون الأعداءَ ، وتركوا اللهَ العلِيَّ العزيز الجبارَ ، فوكَلَهم إلى عدوِّهم فساموهُم سوءَ العذاب والذل والهوان .
عوقِبَت هذه الأُمّةُ بالخوف من أعدائِها أعظم مِن خوفها من رَبها سبحانه ، والسببُ : الذنوبُ والمعاصي .
كلُّ المعاصي التي عَمِلتها الأُمم من قبلنا عمِلتها اليوم أُمةُ الإسلام إلا ما رحم اللهُ .
قال صلى الله عليه وسلم : وجُعِل الذلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري . ([5])
قالوا : لا تَحِلُّ المَعصيةُ بيتَ قوم إلا أدخَلَ اللهُ إليه الذُلَّ .
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يوشِك أن تتداعى عليكُم الأُممُ كما تتداعى الأكلةُ إلى قَصعتِها... أمِن قِلّةٍ نحنُ يا رسولَ الله ؟ ...إلخ . ([6])
وجَدوا أقصى درجات الذل والخوف والهوان ، والسبب : المعاصي والذنوبُ .
ولنا عِبرةٌ فيما جرى في الأُمم قبلنا من الذل والخوف والعذابِ ، يوم خالطوا المعاصي والآثام ، فعمَّهُم اللهُ بالعقابِ والعذابِ .
قالت زينبُ بنتُ جَحشٍ: فقلتُ يا رسولَ الله أَنهلِك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم ، إِذا كَثُرَ الخَبَثُ . ([7])
وعلى سبيل المثال :
ما
فعلَه هولاكو التَّتَري بأهل بغداد ، فقد ذكرَ ابنُ كثير في البداية
والنهاية شيئا من ذلك ، وأنا أنقُلُه لك مُختصَرا وبتصرفٍ يسير للعبرة
والعظة :
يوم دخل التتارُ بغداد
صادروا الأموالَ ، وهتكوا الأعراضَ ، وسفكوا الدماءَ وأسَروا ألفَ بِكْرٍ
من دار الخلافةِ ، للعبثِ بهِنّ وإذلالِهِنّ .
قتلوا خلقًا كثيرا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ، وقتلوا القضاةَ والعلماءَ .
اختبَأَ الناسُ في
الخاناتِ والمساجدِ ، فدخل عليهِمُ التَّترُ فذبحوهُم كالشياةِ حتى سالتِ
الدماءُ من الميازيبِ ، وأحرقوا المساجدَ ، وعمَّتِ العقوبةُ .
عادت بغدادُ بعد الأُنسِ والأمن والأمانِ ورغدِ العَيش والاجتماعِ والحياةِ إلى حُزنٍ وخوف وجوع ومرضٍ وموت ، عمَّتِ العُقوبةُ .
تعطَّلتِ
الجُمَعُ والجَماعاتُ في بغدادَ شُهورا ، لم يُسمع فيها أذانٌ ولا إقامةٌ
ولا صلاةٌ، وامتلأتِ الجُثث في الطُرُقات ، فخرج من كانوا في المزابلِ
والحُشوشِ مُختَبئين بعد خُروج التترِ ، وإذا بريحِ جُثث الموتى تُصيبُهم
فماتوا عن آخِرِهم .
في أقل من أربعين يوما قُتِل من أهل بغداد أكثر من مَليوني إنسان .
فاجتمعَ على الناس الغلاءُ والوباءُ والمرضُ والخوف والموت والبكاءُ ، عمت العُقوبةُ ، والسببُ الرئيسي : الذنوبُ والمعاصي .
وفي زمَنِنا هذا كَثُرت
بما يُسمى بالكوارث الطبيعيةِ كالزلازل والفياضاناتِ والسيولِ المُهلِكةِ ،
وما ننتَهي من بَلِية إلا وتَبِعتْها بلايا أُخرى أشد من سابِقتِها وهذا
مِصداقُ ما أخبر عنه المُصطفى صلى الله عليه وسلم يوم قال : بين يدي الساعةِ مُوتانٌ شديدٌ ، وبعدَه سنواتُ الزلازلِ . ([8])
والسؤال : ما أسبابُ كثرة ما يُسمَّى بالكوارث الطبيعية ، إضافة إلى بَلايا الغَلاءِ والوباء والحروب والخوفِ وكثرة الفتنِ ؟
السببُ الأعظم في ذلك كُله : الذنوبُ والمعاصي ، وصدق اللهُ I وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتْ أيديكُم ويَعفو عن كثير ) [الشورى:30]
والبلاءُ إذا نزل فإنه لا يَنزل غالِبا إلا في ظُلمات الليل والناسُ غافِلون آمِنون ، ودليلُ هذا ما ذَكر اللهُ سبحانه : (أفأَمِنَ
أهلُ القُرى أن يأتِيَهُم بأْسُنا بَياتاً وهُم نائِمون ، أَوَ أَمِنَ
أَهلُ القُرى أنْ يَأْتِيَهُم بَأْسُنا ضَحَى وهُم يَلعبون ، أَفَأَمِنُوا
مَكرَ اللهِ فلا يَأْمَنُ مَرَ اللهِ إِلا القومُ الخاسِرونَ ) [الأعراف:97-99]
والبلاءُ لا يَنزلُ
غالبا إلا والناسُ في غَمرة الأمن والسعادة والسرورِ ، فيُبدّلُ السعادةَ
حُزنا ، والأمنَ خوفا ، والرغدَ جوعا وعطشا ، قال اللهُ سبحانه : (
فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا بهِ فَتَحنا عَلَيهِمْ أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ
حتَّى إِذا فَرِحوا بِما أُوتُوا أخَذْناهُم بَغْتَةً فَإِذا هُم
مُبْلِسونَ ) [الأنعام: 44]
قال المُفسرالشيخ ناصر السعدي : يُؤخَذوا على غِرّة وغَفلة وطُمأنينة ، ليكون أشدّ لِعُقوبتِهم ، وأعظمَ لِمُصيبَتِهم . ([9])
ولنا عبرةٌ : أُصِبنا ببلايا ونكباتٍ ، لو كانت القلوبُ تَعقلُ لكَفَتْنا بَلِيّةٌ واحِدة فكيف وهي مُجتَمِعةٌ !
في الأثَر : إذا رأيتَ العبدَ يُعطَى على مَعاصيه فإنما هو استِدراجٌ قد مُكِر به .
وفي أثَر آخرَ : إذا أرادَ اللهُ بقومٍ عذابا فتحَ عليهم الدنيا . ( فُتِح لقارون الدنيا ولكن أُخِذ في كامِل زينتِه وأمنِه وسُرورِه وغِناهُ ) .
والعذابُ إذا حَلَّ
فإنه لرُبما يكونُ في يوم عيدٍ وفرَحٍ والناسُ آمِنون مُطمئِنّون فَرِحون !
بركانُ جزيرة الطّيْر في الحُدَيْدَة كان في العشر الأواخرِ من رمضان ، أي
قبل العيد بأيام يسيرة ، انفجر البركانُ من جَبل في وسط البحر ، فاختلط
نار البركان بماء البحر، ووالله ما استطاعت أقوى
القُوى من القُرب من النار فضلا عن إطفائِها ، وهذا في نار دُنيا فكيف بنار
الآخِرة والتي فَضِّلت عن نار الدنيا بتسعةٍ وسِتين جُزءا !.
انهِيارُ صخرِ بَني مطر
في صنعاء كان في العشر الأوائِل من ذي الحِجة ، أيْ قبل العيد بأيام يسيرة
، انهار جُزءٌ من صخرِ جَبل على بيوتِ الناسِ ، فمات من مات مدفونا تحت
الأنقاضِ ، وبَقِيَ من بَقِي بلا بيت ولا مأوى ولا طعام أو كِساءٍ ، فقدوا
الأولادَ والأحبابَ في طرفةِ عين ، ولقد أتَوْا إليَّ في العِيادة بامرأةٍ
فقدَتِ النُّطْقَ بسببِ أنها رأتِ الانهِيارَ أثناءَ وُقوعِه والصُّخورُ
تسقُط على بيتِها وفيه أطفالُها وماتوا جميعا أمام عينِها .
سيلُ مدينة جِدَّةَ كان
يوم عرفةَ أي قبل العيد بيوم ، ارتفعَ السيلُ لعشراتِ الأمتارِ ودهَم
البيوتَ وجرفَ كلَّ شيءٍ كان أمامَه ، فصاروا مَفقودين بعد أن كانوا
موجودين وباكين بعد أن كانوا ضاحِكين ، ماتوا على فُرُشِهم ليلةَ عيدِهم
قبل لُبْسِ جَديدِهم ، وفي صباحِ العيد يَبحثون بين الأنقاضِ عن الآباءِ
والأُمهات والأطفال والأحبابِ في المياهِ بين الرُّكام والدَّمار !
أمَّلوا الفرحَ والسُّرور والبقاءَ ، ولكن قُدِّر عليهِم الدَّمارُ والفناء مع البُكاء .
في طرفة عَين إذا هم يَبكون ، إذا هم مَحرومون ، لا بيت ولا طعام ولا كساء ، وخسارات بالمِليارات . والسعيدُ من اعتَبَر بغيرِه .
كان من دُعائِه صلى الله عليه وسلم : اللهُم إني أعوذُ بك من زوال نعمتِك ، وفُجاءَةِ نِقْمَتِك ، وجميعِ سَخطِك . ([10])
[1] السلسلة الصحيحة للألباني رقم (1372، وصحيح الجامع رقم (680) .
[2] تيسير الكريم الرحمن (ص170) نشر جمعية إحياء التراث الإسلامي .
[3] جمع العلوم والحكم (1/438) ، ومسند الإمام أحمد (5/282) .
[4] فتح الباري ابن حجر (13/116) .
[5]
قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في الاقتضاء 1/236- بعد أن ساق سند هذا
الحديث-:وهذا إسناد جيد. وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح
6/98:وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن
سعيد بن جبلة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- اهـ .
[6] معجم الطبراني الكبير (2/102) .
[7] صحيح البخاري ، باب قصة يأجوج ومأجوج (3/1220) .
[8] سنن الدارمي (1/29) ، ومسند الشاميين (1/397) .
[9] تفسير الكريم الرحمن (ص318) .
[10] قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1291 في صحيح الجامع .
بقلم /إسماعيل بن علي المنصوري
[2] تيسير الكريم الرحمن (ص170) نشر جمعية إحياء التراث الإسلامي .
[3] جمع العلوم والحكم (1/438) ، ومسند الإمام أحمد (5/282) .
[4] فتح الباري ابن حجر (13/116) .
[5]
قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في الاقتضاء 1/236- بعد أن ساق سند هذا
الحديث-:وهذا إسناد جيد. وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح
6/98:وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن
سعيد بن جبلة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- اهـ .
[6] معجم الطبراني الكبير (2/102) .
[7] صحيح البخاري ، باب قصة يأجوج ومأجوج (3/1220) .
[8] سنن الدارمي (1/29) ، ومسند الشاميين (1/397) .
[9] تفسير الكريم الرحمن (ص318) .
[10] قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1291 في صحيح الجامع .
بقلم /إسماعيل بن علي المنصوري