فضائل كلمة الإخلاص
فضائل كلمة الإخلاص لقد
اجتمع لكلمة الإخلاص فضائل جمة , وثمرات عديدة , ولكثرة فضائلها كثرت
أسماؤها , وما ذلك إلا لعظم ما تحمله تلك الكلمة في طياتها من عمق في
المعنى والمدلول , فشأنها عظيم ونفعها عميم , وفضائلها يقصر دونها
الحصر والعد , ولكن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط
. ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمنا بها , عاملا بمقتضاها . وفيما يلي نورد
شيئا مما هو مبثوث في كتب أهل العلم في فضل تلك الكلمة , وبيان أهميتها
.
- أنها أعظم نعمة أنعم الله بها - عز وجل - على عباده حيث هداهم إليها
؟ ولهذا ذكرها في سورة النحل التي هي سورة النعم فقدمها على كل نعمة
فقال :
يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ
أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ
- وهي العروة الوثقى :
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا
انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
قاله سعيد بن
جبير والضحاك .
- وهي العهد الذي ذكره الله - عز وجل - إذ يقول :
لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ
عَهْدًا
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : وهي شهادة
أن لا إله إلا الله , والبراءة من الحول والقوة إلا بالله وألا يرجو
إلا الله .
- وهي الحسنى التي ذكرها الله في قوله :
فَأَمَّا
مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى
قاله أبو عبد الرحمن السلمي , ورواه ابن عطية عن ابن عباس
- رضي الله عنهما .
- وهي كلمة الحق كما في قوله تعالى :
إِلَّا مَنْ
شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
- وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله في قوله :
وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا
- وهي القول الثابت :
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
- وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلا في قوله تعالى :
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ
فأصلها ثابت في قلب المؤمن , وفرعها - في العمل الصالح -
صاعد إلى الله - عز وجل - . فالكلمة الطيبة هي كلمة الإخلاص والشجرة
الطيبة هي النخلة .
وقد شبه الله - سبحانه وتعالى - كلمة الإخلاص بالنخلة لأمور منها :
أ - أن النخلة لا بد لها من ثلاثة أشياء عرق راسخ , وأصل قائم وفرع عال
. كذلك الإيمان لا بد له من ثلاثة أشياء : تصديق بالقلب , وقول باللسان
وعمل بالأبدان .
ب - أن النخلة لا تنبت في كل أرض , كذلك كلمة التوحيد لا تستقر في كل
قلب بل في قلب المؤمن فقط .
ج - أن النخلة عرقها ثابت بالأرض , وفرعها مرتفع .
كذلك كلمة التوحيد أصلها ثابت في قلب المؤمن , فإذا تكلم بها
عرجت فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله - عز وجل - قال تعالى :
إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
يَرْفَعُهُ
د - أن النخلة يؤكل ثمرها ليلا ونهارا , صيفا وشتاء , إما تمرا , أو
بسرا , أو رطبا , كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار , وآخره وبركة إيمانه
لا تنقطع أبدا , بل تصل إليه في كل وقت .
- وهي سبيل الفوز بالجنة , والنجاة من النار
فَمَنْ
زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
وكما في الحديث المتفق عليه من شهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها
إلى مريم وروح منه والجنة حق , والنار حق . . أدخله الله الجنة
على ما كان من العمل .
- أنها سبب مانع للخلود في النار لمن استحق دخولها , كما في حديث
الشفاعة أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في
قلبه مثقال ذرة من إيمان فأهل لا إله إلا الله وإن دخلوها
بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها كما في الصحيحين :
يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة
من خير , ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة
من خير , ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة
من خير
- أن من قالها يبتغي بذلك وجه الله - فإن الله يحرمه على
النار , كما في حديث عتبان المتفق عليه فإن الله قد
حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله
.
- ولأجلها خلقت الجن والإنس : وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
- وهي سبيل السعادة في الدارين
الَّذِينَ آمَنُوا
وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ
وَهُمْ مُهْتَدُونَ
- وهي أول واجب على المكلف قال - صلى الله عليه وسلم -
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله
- وهي آخر واجب على المكلف , فمن كانت آخر كلامه من الدنيا
- دخل الجنة كما جاء في حديث معاذ - رضي الله عنه -
من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة
- وهي التي لأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب
وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
- وهي مفتاح دعوة الرسل , فالرسل - عليهم السلام - دعوا إليها جميعا
فكلهم يقول لقومه
اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ
إِلَهٍ غَيْرُهُ
- وهي أحسن الحسنات وأفضلها .
قال أبو ذر - رضي الله عنه - قلت يا رسول الله : علمني عملا يقربني
من الجنة ويباعدني من النار قال : إذا عملت سيئة فاعمل
حسنة فإنها عشر أمثالها قال : قلت يا رسول الله :
أمن الحسنات لا إله إلا الله ؟ قال : هي أفضل الحسنات
.
- وهي الحسنة
مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ
عَشْرُ أَمْثَالِهَا
إذ هي أحسن الحسنات كما مر .
- وهي أفضل ما ذكر الله به - عز وجل - .
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل ما قلت
أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له
- وهي أثقل شيء في الميزان .
كما في المسند عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - أن نوحا - عليه السلام - قال لابنه عند موته
آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت
في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله , ولو
أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله
- وهي تطيش بسجلات الذنوب , وترجح بصحائفها , وتثقل الميزان , كما
في حديث صاحب البطاقة .
- وهي أعلى شعب الإيمان .
وذلك لما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الإيمان
بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله
- وهي أفضل الأعمال والأذكار , وأكثرها تضعيفا , وتعدل عتق الرقاب
, وتكون حرزا من الشيطان كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله
عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على
كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب , وكتب له مائة حسنة
ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يصلي ولم
يأت أحد أفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه
وفي الصحيحين أيضا عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - : من قالها عشر مرات
كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل .
- ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية .
كما جاء في صحيح مسلم : ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ
- أو فيسبغ - الوضوء ثم يقول أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله
ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء
- وهي التي يكون السؤال عنها يوم القيامة .
قال تعالى :
فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وقال تعالى :
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ
- وهي المثل الأعلى الذي ذكره الله - عز وجل - إذ يقول :
وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
فالمثل الأعلى هو الوصف الكامل , وأعظم وصف لله هو أنه لا
إله إلا هو ؟ كما جاء ذلك في آية الكرسي :
اللَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
- وفي شأنها تكون السعادة والشقاوة .
- وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال .
- ولأجلها يفرق بين القريب والقريب
لَا تَجِدُ
قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ
أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
- ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار .
- وهي أصل الدين , وأساسه , ورأس أمره , وساق شجرته , وعمود فسطاطه
, وبقية الأركان والفرائض متفرقة عنها متشعبة منها , مكملات لها ,
مقيدة بالتزام معناها , والعمل بمقتضاها .
- وهي الأمان من وحشة القبور , وهول المحشر .
- ومن فضائلها أن قبول الأعمال متوقف عليها وعلى تحقيقها .
- وهي أعظم سبب للتحرر من رق المخلوقين .
- وهي أصل كل خير ديني أو دنيوي
تُؤْتِي أُكُلَهَا
كُلَّ حِينٍ
- وهي سبب لصفاء النفس والبعد عن الأنانية قال تعالى في وصف أهلها
:
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ
بِهِمْ خَصَاصَةٌ
- وهي أعظم سبب لتحرير العقل من الخرافات والأوهام والأباطيل .
- وهي كلمة السواء قال تعالى :
قُلْ يَا
أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا
- وهي سبب للشجاعة والإقدام فكلما ازداد الإنسان علما بها وعملا
بمقتضاها - ازداد بذلك شجاعة وإقداما وجرأة في الحق , ولا أدل على ذلك
من حال الأنبياء - صلوات الله عليهم وسلامه - , وكذلك حال أتباعهم من
الصديقين والشهداء والصالحين والمجاهدين في كل زمان ومكان .
- أنها أعظم سبب لعلو الهمة , فأعلى الهمم الوصول إلى رضا الله ودخول
الجنة وصاحبها أعظم همه هو ذلك الأمر .
- وهي أعظم مصدر للعزة والكرامة
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ
- وهي الصدق في قوله تعالى :
وَالَّذِي
جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ
- وهي التي لأجلها جردت سيوف الجهاد قال تعالى :
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
لِلَّهِ
- وهي مشتملة على نوعي الدعاء , دعاء العبادة ودعاء المسألة .
- ومن فضائلها أنها السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ,
ودفع عقوبتهما , ولذا لما كان يونس - عليه السلام - في بطن الحوت ,
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
استجاب الله
له وفرج كربته .
- ومن فضائلها أنها أعظم سبب لحسن الخلق ولين الجانب وكرم النفس
والارتفاع عن الدنايا , ومحقرات الأمور .
- أنها هي كلمة التوحيد , والتوحيد هو السبب الوحيد لنيل
رضا الله وثوابه قال تعالى :
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ
وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
.
- أن أسعد الناس بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - من قال : لا
إله إلا الله خالصا من قلبه .
- أن من كمل التوحيد في قلبه وعرف معنى الشهادة وعمل بمقتضاها -
سهل عليه فعل الخيرات , وترك المنكرات , وهانت عليه المصيبات , فالمخلص
لله تخف عليه الطاعات لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه , ويهون عليه ترك
ما تهواه النفس من المعاصي لما يخشى من سخطه وعقابه , ويتسلى عند المصائب
لعلمه أنها من عند الله , وكل ما يصيبه من الله فهو خير له في دينه ودنياه
, علم حكمة ذلك أم لم يعلم .
- أنها إذا اكتملت المعرفة بها والعمل بمقتضاها حبب الله لصاحبها
الإيمان , وزينه في قلبه , وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان
, وجعله من الراشدين .
- ومن فضائلها أن التوحيد إذا كمل وتم في القلب وتحقق تحققا كاملا
بالإخلاص التام - صار القليل من عمله كثيرا وتضاعفت أعماله وأقواله بغير
حصر ولا حساب .
- ومن فضائلها - أن الله تكفل لأهلها بالفتح والنصر في الدنيا والعز
والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى , وإصلاح الأحوال والتسديد في
الأقوال والأفعال .
- ومن فضائلها أن الله يدفع عن أهلها شرور الدنيا والآخرة ويمن عليهم
بالحياة الطيبة .
- وهي حبل الله المتين قال تعالى :
وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا
- ومن فضائلها أن من استقام عليها تحصل له البشرى عند الممات .
- وهي شعار المؤمنين الموحدين , فهم أهل لا إله إلا الله
.
- وهي الرابطة بينهم , فبمجرد الإيمان بها ينتسب الإنسان إلى أشرف
نسب , فيصبح إبراهيم - عليه السلام - أباك . وأزواج النبي أمهاتك , وباقي
المؤمنين إخوة لك قال تعالى :
مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ
وقال : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ
مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وقال :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
- وهي سبب استغفار الملائكة , فالملائكة تستغفر للمؤمنين - أهل لا
إله إلا الله - قال تعالى :
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا
- وهي سبب استغفار المؤمنين قال تعالى :
فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ
- وهي كلمة الإخلاص لأن الأصل عمل القلب .
- وهي كلمة الإحسان قال تعالى :
هَلْ جَزَاءُ
الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ قال تعالى :
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ
يعني
قالوا لا إله إلا الله .
- وهي دعوة الحق قال تعالى :
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقّ ِ
قال ابن عباس : هي لا إله إلا الله وتقديم الخبر يفيد
الحصر أي لا يقال لا إله إلا الله إلا في حقه - تعالى - .
- وهي كلمة العدل التي قال تعالى فيها :
إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
قال ابن عباس
: العدل شهادة أن لا إله إلا الله , والإحسان هو الإخلاص فيها .
- وهي الطيب من القول قال تعالى :
وَهُدُوا إِلَى
الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ
أي هدوا إلى كل طيب ,
فلا أطيب ولا أطهر من هذه الكلمة .
- وهي الكلمة الباقية , فالتوحيد لا يزول بكل معصية , ولكن كل معصية
تزول بسبب التوحيد وتفنى , قال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام - :
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي
بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ
فذكرها بعد
ذكر معنى الشهادة فقوله :
بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ
بمعنى لا إله , و
إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
بمعنى إلا الله .
- وهي كلمة الله العليا قال تعالى :
وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وكلمة الله عليا على الدوام ؟ ولهذا لم يعطفها على ما قبلها
.
- وهي النجاة كما في قول مؤمن آل فرعون
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى
النَّارِ
والنجاة هي لا إله إلا الله ولا تكون النجاة إلا
بها .
- وهي كلمة الاستقامة
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
- وهي سبب الاجتماع والألفة : فكلمة التوحيد هي أساس توحيد الكلمة
, ولا يكون الاجتماع إلا عليها , فلقد امتن الله على المؤمنين بها ,
فجمع بها شملهم بعد الشتات , ولم شعثهم بعد التفرق , قال تعالى :
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ
أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا
- وهي القول السديد كما في قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
فسديد فعيل بمعنى فاعل أي قولوا قولا يسد على صاحبه أبواب جهنم
. أو بمعنى مفعول : أي قولوا قولا يسد صاحبه أن يضيره شيء من
الذنوب .
- وهي أيضا البر قال تعالى :
لَيْسَ الْبِرَّ
أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
إشارة
إلى التوحيد المفهوم من لا إله إلا الله .
- وهي الدين كما قال تعالى :
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ
الْخَالِصُ
فحصر الخضوع لله ودل على أنه لا إله سواه , ولا
معبود إلا إياه .
- وهي الصراط المستقيم , قال تعالى :
اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وقال : وَأَنَّ
هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وقال :
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
- وهي سبب النصر على الأعداء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
ولا إله إلا الله أعظم ذكر
.
- وهي سبب التمكين في الأرض قال تعالى :
وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ
فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ
لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ .
- وهي سبب للرفعة والعلو , فلقد عز بها بلال الحبشي وسلمان الفارسي
- رضي الله عنهما - , وذل بسبب تركها أشراف قريش .
لقد رفع الإسلام سلمان فارس كما وضع الكفر الشريف
أبا لهب - وهي سبب لعصمة الدماء والأموال قال - صلى الله
عليه وسلم - : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا
إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ,
فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام
- وهي كلمة الشهادة قال تعالى :
شَهِدَ
اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ
قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
- وهي المعروف الأكبر قال تعالى :
وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
فالتوحيد هو المعروف الأكبر
.
- وهي أول شيء يدعى إليه , كما في حديث معاذ رضي الله عنه عندما
بعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال : فليكن أول ما
تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله
- وهي ملة أبينا إبراهيم - عليه السلام - قال تعالى :
مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ
- وهي الزكاة قال تعالى :
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ
الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
قال ابن القيم - رحمه
الله - في إغاثة اللهفان : قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم هي
التوحيد ؟ شهادة أن لا إله إلا الله والإيمان الذي به يزكو القلب فإنه
يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب وذلك طهارته وإثبات إلهيته سبحانه
وهو أصل كل زكاء ونماء .
- وبسببها تبيض وجوه وتسود وجوه .
فتبيض وجوه أهلها أهل الطاعة والإيمان , وتسود وجوه أعدائها من أهل
الكفر والعصيان , قال تعالى :
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ
وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ
.
هذا غيض من فيض من فضائلها وثمراتها العظيمة