شرح سلسلة الأحاديث من كتاب
(أحسن البيان في شرح كتاب الإيمان من اللؤلؤ والمرجان )
3- << بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام >>
حديث طَلْحَةَ بن عُبَيْد الله قال: (جاءَ
رجلٌ إِلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من أهل نجْدٍ ثائرُ الرأسِ
يُسْمَعُ دوِيُّ صوتِهِ ولا يُفْقَهُ ما يقول ، حتى دنا فإِذا هو يسأَل عن
الإسلام؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسُ صلواتٍ في اليومِ
والليلةِ فقال: هل عليّ غيرُها قال: لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: وصيامُ رمضانَ قال: هل عليّ غيره قال: لا إِلاَّ
أَن تَطَوَّعَ قال، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاةَ قال هل
عليَّ غيرُها قال لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ قال فأَدبر الرجل وهو يقول:
والله لا أزيد على هذا ولا أَنْقصُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ) متفق عليه.
الشرح:
فيه
أن الإسلام هو الإلتزام بشرائعه الظاهرة و الإنقياد لله بالطاعة بعد
الشهادتين ، وقد اختلفت أجوبة النبي صلى الله عليه وسلم وتنوعت في تفسير
الإسلام والإيمان على حسب اختلاف أحوال السامعين ونزول الفرائض ولذلك لم
يذكر للرجل الحج في هذا الحديث.
وفيه
أن العبادات نوعان فرائض يجب على العبد الإتيان بها ويأثم بتركها ونوافل
يستحب للعبد الإتيان بها ولا يأثم بتركها وإن شرع العبد بها لا يلزمه أيضا
إتمامها وإنما يستحب له ذلك. وفيه أن الواجب في باب الصلاة الصلوات الخمس
في اليوم والليلة وما زاد على ذلك فسنن ونوافل لا يجب منها شيء سواء كانت
مطلقة أو مقيدة راتبة أو عارضة كصلاة الوتر وصلاة الكسوف وصلاة الإستسقاء
وصلاة العيدين وغيرها. وفيه أن الواجب في باب الصوم صوم رمضان وما سوى ذلك
من الصوم فسنن لا يلزم الإتيان بها كصوم الإثنين والخميس والأيام البيض
ويوم عاشوراء ويوم عرفة وست من شوال وغيرها. وفيه أن الواجب في باب المال
الزكاة المقدرة شرعا وما سوى ذلك من الصدقات فسنن غير لازمة. وفيه أن من
اقتصر على فعل الواجبات وترك المحرمات كان من أهل الفلاح واستحق بذلك دخول
الجنة ولو لم يفعل أكثر من ذلك ، وإن كان الأكمل للعبد أن يواظب على فعل
المستحبات وترك المكروهات ويسابق في الخيرات لينال الدرجات الرفيعة
والمنازل العليا في جنات النعيم ، فلا ينبغي للعبد أ، يفرط في ذلك ما دام
صحيحا معافى قادرا على أداء ذلك وقد ورد فضل عظيم لمن واظب على فعل
الخيرات ومواظبة العبد عليها دليل على كمال إيمانه وتفريطه بها دليل على
ضعف إيمانه. وقد ورد في رواية (أفلح وأبيه إن صدق)
وهذا ظاهره مشكل مع ورود النهي عن الحلف بغير الله والجواب عنه إما أن
يكون صدور هذا اللفظ من رسول الله ليس على سبيل الحلف إنما هي كلمة جرى
استعمالها عادة في كلام العرب ولا يقصد بها اليمين من باب اللغو أو يكون
حلفا قاله النبي صلى الله عليه وسلم قبل ورود النهي عنه ولهذا نظائر كثيرة
في الشرع.
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة